بقلم ديفيد بونج، المؤسس المشارك لشركة "ووتروم"
يشهد العالم المزيد من الكوارث الطبيعية المتعلقة بالمياه، والتي تتعاظم وتيرتها وحدتها بفعل تغير المناخ. وتحدث الفيضانات والانهيارات الأرضية والعواصف دون سابق إنذار، مخلفة وراءها أضراراً مدمرة، بما في ذلك تعطيل الخدمات الأساسية.
وفي أعقاب أي كارثة طبيعية، يصبح الوصول إلى المياه النظيفة مسألة حياة أو موت، حيث يمكن أن تسبب المياه الملوثة تفشي جملة من الأمراض القاتلة. وفي حين أن الوصول إلى المياه النظيفة مطلب بالغ الأهمية في أي مجتمع، إلا أنه يتحول إلى حاجة ماسة في حال وقوع الكوارث الطبيعية.
وتشكل الأمراض المنقولة عبر المياه مصدر خطر كبير على الصحة العامة. إذ تعتبر المياه الملوثة حاضنة خصبة للبكتيريا والفيروسات التي يمكن أن تتسبب بأمراض حادة مؤدية للموت. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يسجل العالم نحو 1.4 مليون حالة وفاة كل عام، معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة بسبب المياه غير المأمونة وتردّي خدمات الصرف الصحي.
وتُلحق الكوارث الطبيعية أيضاً أضراراً بالبنية التحتية لأنظمة المياه والصرف الصحي، مثل نقاط الإمداد بالمياه والآبار والمراحيض ومرافق معالجة مياه الصرف الصحي. وفي هذه الحالات، يمكن لأنظمة ترشيح وتنقية المياه أن تسهم بشكل فعال في إنقاذ الأرواح في حال تزويدها للمجتمعات المتضررة في الوقت المناسب.
ومع توجه يوم المياه العالمي هذا العام للتركيز على تسريع وتيرة التغيير لحل أزمة المياه والصرف الصحي، سيشكل تقديم مرشحات المياه المنقذة للحياة في المجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية إضافة متواضعة ولكن نوعية إلى جهود الاستجابة للكوارث. وتتميز هذه المرشحات بكلفتها القليلة وسهولة تركيبها ونقلها، وقد أثبتت فاعليتها على الأرض في المساعدة على الحد من انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه وإنقاذ الأرواح وسد الفجوة مؤقتاً في غياب البنية التحتية الحيوية.
وقد أتاح الفوز بجائزة زايد للاستدامة لعام 2022 ضمن فئة المياه لشركة "ووتروم" توسيع نطاق عملياتها ونشر مرشحات المياه المحمولة في المجتمعات الأشد حاجة إليها. وكان من الأمثلة الشاهدة على مدى تأثير الشركة وفعالية منتجها، قدرتها على تقديم الإغاثة الطارئة وتوفير المياه للنازحين خلال الفيضانات التي اجتاحت باكستان في عام 2022.
فيض من الأزمات: فيضانات باكستان 2022
خلال الفترة من يونيو إلى أكتوبر 2022، تسببت الفيضانات في باكستان في مقتل 1,739 شخصاً وأدت إلى أضرار تقدر بأكثر من 14 مليون دولار أمريكي وخسائر اقتصادية وصلت قيمتها إلى 14.6 مليون دولار أمريكي، فضلاً عن نزوح أكثر من 33 مليون شخص ممن تضرروا من الكارثة.
وتمثلت الأسباب المباشرة التي أدت لحدوث الفيضانات في الأمطار الأشد غزارة من الأمطار الموسمية المعتادة في المنطقة، بالإضافة إلى ذوبان الأنهار الجليدية إثر موجة الحر الشديدة التي شهدتها المنطقة في فصل الصيف. وتشكل هذه الأسباب المرتبطة بتغير المناخ عوامل كافية لوقوع كارثة طبيعية شديدة.
وحتى بعد انحسار الفيضانات، واجهت المجتمعات الريفية نقصاً في الغذاء وعانت من تفشي الأمراض المنقولة عبر المياه الملوثة إلى البشر والحيوانات مثل الكوليرا والإسهال والزحار والتهاب الكبد (أ) والتيفوئيد وشلل الأطفال. وطالت آثار التضخم الحاد ونقص المنتجات الطازجة المجتمعات الحضرية التي لم تتأثر بالفيضانات، مما زاد من حجم الأضرار الجانبية.
وقد عكفت شركة "ووتروم" على التعاون مع منظمة الصليب الأحمر السنغافورية لنشر مرشحات المياه بوتيرة سريعة ضمن مواقع جمعية الهلال الأحمر الباكستانية، والتي كانت حاضرة في الميدان وبحاجة إلى تكنولوجيا أفضل للعمل بشكل أسرع وإنقاذ المزيد من الأرواح.
ومكنت "ووتروم" أكثر من 1000 مواطن باكستاني من الوصول إلى مياه الشرب النظيفة طوال فترة الأزمة، مما أسهم في دعم جهود الإغاثة على الأرض والتخفيف من آثار أسوأ فيضان شهدته باكستان منذ سنوات عديدة.
الآفاق المستقبلية
على الرغم من سهولة نقل واستخدام مرشحات المياه ومدى فعاليتها، إلا أن العديد من المجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية لا تملك الموارد اللازمة لشراء مرشحات المياه المنقذة للحياة.
ولضمان حصول المجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية على المياه النظيفة، من المهم أن توفر المنظمات الحكومية وغير الحكومية التمويل والموارد اللازمة لمؤسسات الإغاثة لضمان دمج مرشحات المياه في جهود الاستجابة للكوارث. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تنفيذ حملات تثقيفية لتوعية المجتمعات بأهمية المياه النظيفة وتعريفهم بكيفية الاستخدام الصحيح لمرشحات المياه.
يمكن أن تؤدي مرشحات المياه دوراً أساسياً في أعقاب الكوارث الطبيعية إذا ما تمكن الناس من الوصول إليها. وعلى الرغم من أهمية المرشحات كحل منقذ للحياة، إلا أنها تبقى حلاً مؤقتاً قصير الأمد، ولا يمكن أن تحل محل الاستثمار في البنية التحتية للمياه، بما في ذلك محطات المعالجة وشبكات التوزيع، لضمان الوصول إلى المياه النظيفة على المدى الطويل. ومن هذا المنطلق، تحتاج الحكومات ومنظمات الإغاثة إلى العمل جنباً إلى جنب لتوفير التمويل والدعم الفني لتحسين إمكانية وصول الناس إلى المياه في كافة المجتمعات حول العالم.