مقال صادر عن مركز ومدرسة "ستريهي"
الفائز بالجائزة لعام 2017 عن فئة المدارس الثانوية العالمية
إن أحد أهم عناصر الابتكار من أجل تحقيق التطور والازدهار، يكمن في وجود بيئة ملائمة وتشارك المعارف والخبرات من خلال الاطلاع على مشاريع ملهمة يتم تنفيذها في جميع أنحاء العالم. ورغم أن الحاجة هي أم الاختراع كما هو معروف، غير أنه ثمة حاجة لتأسيس بيئة تعاونية تلهم الأفكار الجديدة وتتيح تطويرها، فمن خلال توفير هذه البيئة للشباب لتبادل أفكارهم ونماذجهم الأولية ومشاريعهم، يمكن تشجيع مزيد من المبادرات الإبداعية التي تتولد من خلال الاستماع إلى أفكار الآخرين.
ومن العناصر الأساسية الأخرى التي تشجع عملية الابتكار، هو الدافع نحو تحسين جودة الخدمات وضبط النفقات، وهذا يتمثل بتجربة مدرسة "ستريهي" التي كانت تطمح إلى تقليل تكلفة فاتورة الكهرباء السنوية الكبيرة البالغة 35 ألف دولار أمريكي. ونظراً لأن مؤسسة "ستريهي" هي مؤسسة خيرية تعتمد على دعم المانحين لتقديم رعاية كاملة للمدارس الثانوية للبنات من جميع أنحاء كينيا وخاصة الطالبات اللواتي لا يملكن القدرة على تحمل نفقات الدراسة، فإن إدارة المدرسة قررت المساعدة في خفض تكلفة الكهرباء، وبالتالي تحقيق وفورات مالية وتوجيهها لدعم ما لا يقل عن 10 فتيات إضافيات في مرحلة التعليم الثانوي سنوياً.
وقد تم منح جازة زايد للاستدامة عام 2017 لمركز ومدرسة "ستريهي" للبنات عن فئة المدارس الثانوية العالمية، منطقة إفريقيا، لتعزيز هذا الابتكار والبيئات التي تشجع الطلاب على تطوير الأفكار. حيث توفر المدرسة للفتيات عدداً من الخيارات التي تشمل المشاركة الفعالة في مجموعة متنوعة من الأندية الأكاديمية، كتلك التي تركز على العلوم والرياضيات والبيئة وما إلى ذلك. كما يتيح نادي "أصحاب الإنجازات الناشئين" للطلاب تعلم مهارات القيادة الإبداعية، والتي تعد بحد ذاتها وسيلة تعزز الابتكار.
ونتيجة لهذه المبادرات التي ترفع من سوية الوعي والتفكير لدي الطلاب، تشارك المدرسة في المؤتمر العلمي السنوي في كينيا والندوات الأخرى التي تشجع الطلاب على تطوير أفكار وموضوعات مبتكرة وتطبيق حلول العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات على أرض الواقع.
إن الابتكار التكنولوجي كان له بالغ الأثر في الارتقاء بمكانة كينيا في هذا المجال حتى باتت تسمى بمنطقة وادي السيلكون في إفريقيا. لكن و من أجل الحفاظ على هذه المكانة لا بد من وجود تدفق مستمر من المواهب المحلية، حيث لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تضافر جهود جميع الأطراف والمؤسسات العاملة ضمن القطاعين العام والخاص، في محاولة لضمان توفير تعليم جيد ومتكافئ لجميع الفئات، بما يتوافق مع الهدف الرابع من اهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وينسجم مع شعار اليوم العالمي للشباب لهذا العام وهو "النهضة بالتعليم".
وعلى الرغم من أن الابتكار يبدأ في غالب الأحيان على يد فرد أو مجموعة، أي على مبدأ من القاعدة إلى القمة، غير أن هناك نموذج لتوليد الابتكار على نحو مغاير أي من قمة الهرم نحو القاعدة، بحيث تلعب الحكومات دوراً نشطاً في تشجيع البيئات الملائمة للتطوير المبادرات الإبداعية وتشجيع الابتكار. وفيما يخص المدارس الثانوية ، ثمة حاجة لدعم المشاريع التي بدأها الطلاب من خلال تقديم المعونة المالية والإدارية. ويمكن للحكومات أن تلعب دوراً أساسياً في تسريع الابتكار في مجالي العلوم والتكنولوجيا، من خلال استثمار الشباب عبر الاستفادة من الموارد والخبرات التقنية اللازمة لاختبار واحتضان وتحسين وتوسيع مشاريع الطلاب الجديدة.
وقد تمكنت مدرسة "ستريهي" بعد حصولها على جائزة زايد للاستدامة من توسيع أنشطتها في مجال الحفاظ على البيئة من خلال تنظيم حملة في هذا المجال بهدف توعية المجتمع وإلهام المزيد من طلاب المدارس الثانوية في كينيا للمساهمة بفعالية في تحقيق التنمية المستدامة. كان هدفنا الأساسي من هذه الحملة وهو تحفيز الآخرين وإلهامهم، الشيء الذي من شأنه تسريع عملية توليد الأفكار لدى الجيل القادم من رواد الاستدامة.