بقلم هيرفيه غوييت، رئيس منظمة كهربائيون بلا حدود
استطاعت الإنسانية على مدار العقد الماضي تحقيق تقدم هائل في شتى المجالات، فقد بات الناس أكثر راحة مادياً وأفضل صحة وزاد معدل الأعمار والمستوى التعليمي وتعززت سبل التواصل. وعلى الرغم من هذا التقدم، فقد شهد العصر الحالي زيادة في أعداد اللاجئين أكثر من أي وقت مضى.
ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فقد كان هناك أكثر من 26.4 مليون لاجئ في أواخر عام 2020، أي ما يمثل حوالي 1٪ من سكان العالم.
واللاجئون هم أشخاص أجبروا على الفرار من بلدانهم بسبب الصراعات أو العنف أو الاضطهاد أو انتهاكات حقوق الإنسان أو تغير المناخ.
وقد أدت مجموعة من العوامل، بما في ذلك جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا وتسارع تغير المناخ العالمي، إلى تفاقم أزمة اللاجئين على مدى العامين الماضيين.
وهناك ارتباط وثيق لا يمكن إنكاره بين تغير المناخ وتزايد أعداد النازحين. فارتفاع درجة حرارة الكوكب يؤدي إلى زيادة مخاطر التعرض للكوارث الطبيعية التي تجبر الناس على النزوح، كما يمكن أن تتسبب في حدوث نقص في الموارد وإلى نشوء توترات وحتى نزاعات، مما يقود إلى مزيد من موجات النزوح.
لقد قامت الحكومات أو المنظمات بإنشاء مخيمات لتكون بمثابة مساكن مؤقتة للاجئين، وهي مصممة بحيث توفر لهم المساعدة الفورية والحماية. وعلى الرغم من أن الغرض منها أن تكون مؤقتة، إلا أن متوسط الوقت الذي يقضيه اللاجئ في مخيم اللاجئين قد ارتفع إلى أكثر من 20 عاماً.
وفي بعض الأحيان، تتحول هذه المخيمات إلى مجتمعات حيوية، ولكنها غالباً ما تصبح أماكن مكتظة يعيش فيها اللاجئون في حالة دائمة من الخوف أو انعدام الأمن.
ويعيش حالياً أكثر من 90٪ من اللاجئين في المخيمات، حيث يحصلون على القليل من الكهرباء أو يفتقرون إليها بشكل تام. ويشكل انعدام الحصول على الكهرباء تحدياً فيما يخص العيديد من الأنشطة والمتطلبات اليومية مثل الطهي أو التدفئة أو الدراسة. بينما تواجه النساء والفتيات على نحو خاص مخاطر تتعلق بالأمان في المخيمات التي يكتنفها الظلام.
وهنا يكمن دورنا، إذ تتمثل مهمة منظمة "كهربائيون بلا حدود"، وهي منظمة غير ربحية مقرها فرنسا، في ايجاد حلول لمشكلات الكهرباء في الظروف الطارئة. وقمنا ببذل جهود حثيثة منذ عام 1986 لمكافحة عدم المساواة في الحصول على الكهرباء والمياه حول العالم.
ويعتبر النازحون من بين أكثر الفئات ضعفاً في العالم، ما يجعلهم المجموعة الأكثر أهمية فيما يتعلق بتحقيق هدف التنمية المستدامة للأمم المتحدة المتمثل في "ضمان الوصول إلى طاقة حديثة وموثوقة ومستدامة وبأسعار معقولة للجميع".
في 20 يونيو من كل عام، يحتفي العالم بقوة وشجاعة اللاجئين، والعام الحالي يحمل اليوم العالمي لللاجئين عنوان "أي شخص كان. في أي زمان. له الحق في التماس الأمان".
وقد يؤدي عدم توفر الإنارة إلى تبعات خطرة، خاصة على النساء والأطفال. ونعتقد أن تزويد مخيمات اللاجئين بكهرباء نظيفة وموثوقة هو أحد أهم الطرق لتعزيز سلامة اللاجئين وظروفهم المعيشية بشكل عام.
إن توفير الكهرباء ضمن مخيمات اللاجئين لا يعود بالنفع على الأشخاص الذين يعيشون داخل المخيمات وحسب، بل ويساهم أيضاً في الحفاظ على سلامة كوكب الأرض. فعادة ما يعني العيش بدون كهرباء المزيد من التلوث وانبعاثات الغازات الدفيئة، حيث يلجأ الناس إلى حرق الحطب أو الفحم لتلبية احتياجاتهم المنزلية. وقد تستخدم مخيمات اللاجئين أيضاً مولدات ملوثة تعمل بالديزل من أجل تشغيل الإنارة.
ولتلبية احتياجات الطاقة لدى اللاجئين بالتوازي مع مكافحة التغير المناخي، يعد استخدام مصادر الطاقة المتجددة أمراً بالغ الأهمية. لذلك، تركز مشاريعنا على استخدام طاقة الشمس أو الممرات المائية وحلول الإضاءة العامة المبتكرة لتعزيز مستويات السلامة وأمن الطاقة ضمن المخيمات. وقد شاركنا في توفير الكهرباء ضمن مخيمات للاجئين في الصومال، والأردن، وبنغلاديش، وجمهورية الدومينيكان، وفي أجزاء أخرى كثيرة من العالم.
تضم شبكة المنظمة أكثر من 1200 متطوع، ونعمل بالتعاون مع الجهات المحلية الفاعلة على تعزيز التنمية الاقتصادية والبشرية من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. كما ننسق جهودنا مع الحكومات الوطنية ومنظمات الإغاثة الأخرى لتحقيق أفضل النتائج للأشخاص المتضررين من الأزمات، وذلك عبر طرح حلول مصممة لتقييم البنية التحتية للطاقة في المخيمات وتعزيزها باستخدام الخلايا الكهروضوئية أو غيرها من التقنيات المناسبة منخفضة الكربون.
ونظراً للجهود الإنسانية التي تقوم بها المنظمة، فقد نالت مؤخراً تكريماً من قبل جائزة زايد للاستدامة، وهي جائزة عالمية تحتفي بالجهود الرائدة في مجال الاستدامة، حيث حصلنا على الجائزة لعام 2020 ضمن فئة الطاقة. ولا شك أن هذا التكريم قد ساعدنا في توسيع نطاق جهودنا الهادفة إلى تمكين المجتمعات الأكثر فقراً من الحصول على طاقة نظيفة وموثوقة وبأسعار معقولة.
لقد منحنا الفوز بجائزة زايد للاستدامة أيضًا فرصة للعمل مع مبادرة "ما بعد 2020"، وهي مبادرة إنسانية أطلقتها الجائزة بالشراكة مع عدد من المؤسسات والمنظمات الرائدة، وذلك من أجل تركيب نظم إضاءة شمسية نظيفة في مخيم للاجئين ببنغلاديش. ومن خلال مشروع "نور من أجل الروهينغا"، ساعدنا في تحسين الظروف المعيشية لأكثر من 8000 شخص من الروهينجا الذين يعيشون في مخيمات للاجئين في بنغلاديش.
إن توفير طاقة مستدامة وموثوقة للاجئين هو هدف طموح للغاية، ولكنه قابل للتحقيق. وإن الحل باعتقادنا يكمن في تعزيز التضامن والتعاون من أجل ضمان تلبية احتياجات الطاقة للنازحين.
ومن خلال بناء شراكات مهمة مع جهات مثل جائزة زايد للاستدامة، فإنه يمكن لمنظمة "كهربائيون بلا حدود" القيام بدور فاعل في تلبية احتياجات الطاقة وتعزيز مستويات الأمان للاجئين حول العالم، فضلاً عن المساهمة في دعم الجهود العالمية لسد فجوة الطاقة بالتوازي مع الحفاظ على سلامة الكوكب والإنسان.