إيجاد حلول لتحديات الغذاء المتنامية
News Post Image
News Post Image
News Post Image
News Post Image
News Post Image
27 نوفمبر 2019 مشاركة

من المتوقع أن يبلغ التعداد السكاني العالمي حوالي عشرة مليارات نسمة بحلول عام 2050. وفي حال بقيت مستويات كفاءة الإنتاج على حالها حتى ذلك الوقت، فإن توفير الغذاء لسكان العالم سيتطلب القضاء على معظم الغابات المتبقية في العالم وآلاف الكائنات الحية الأخرى، فضلاً عن إطلاق غازات الدفيئة تكفي لتتجاوز درجة حرارة الأرض بمقدار يتجاوز الحد الذي أقره اتفاق باريس للمناخ والمتمثل 1.5 و2 درجة مئوية. وعلى الرغم من أن الزراعة تعد واحدة من أقدم المهن التي عمل بها الإنسان، إلا أن الزيادة المطردة لأعداد السكان واستنزاف الموارد الطبيعية يتطلب منا مواجهة التحديات المتعلقة بتوفير الغذاء، وإيجاد حلول مبتكرة وأفضل وأكثر ديناميكية من أي وقت مضى. وقد قام المرشحون النهائيون ضمن فئة الغذاء في جائزة زايد للاستدامة لعام 2020 بتقديم مجموعة من الابتكارات والحلول التي تساهم في مواجهة هذا التحدي العالمي ودعم الجهود العالمية الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 للأمم المتحدة، وتحديداً الأهداف 2 و3 و15 و13 و15، التي تدعو للقضاء على الجوع وتوفير والصحة الجيدة والرفاه وتحفيز العمل المناخي والحفاظ على الحياة البرية.

يقدم المرشحون النهائيون في فئة الغذاء لعام 2020، إلى جانب دافني إوينج-تشاو، عضو لجنة الاختيار لفئة الغذاء بالجائزة، ضمن فقرة الأسئلة والأجوبة التالية آرائهم كخبراء حول هذه الحلول المهمة، مع التركيز على مدى تطور القطاع وكونه أصبح أكثر شمولاً.

1. برأيك كيف يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز إنتاجية الأراضي الزراعية أو عمليات الإنتاج الغذائي وتوفير الأغذية؟

ليندا فايفر، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمنظمة "إنميد":
من المهم أن يسهم الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي في تقليل غازات الدفيئة وزيادة إنتاجية الغذاء من خلال التنبؤ بالمحاصيل الزراعية وتتبعها باستخدام الخوارزميات القائمة على الطقس والبيانات الزمنية المتعلقة بالمحاصيل، بالإضافة إلى تحديد الآفات والأمراض والحشرات واكتشافها والتخلص منها، واستهداف أبرز العوامل المتسببة بغازات الدفيئة للحد منها. وعلى الرغم من أن تقنيتي الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي غير منتشرتين بعد على نطاق واسع لدى أصحاب الأراضي الصغيرة، إلا أنهما توفران فرصاً مهمة لأتمتة وتبسيط وتحليل مختلف المهام الزراعية التي تتطلب الكثير من البيانات والوقت والعمالة والإحاطة بظروف الزراعة المثالية.
يتميز حل المزارع المائية الذكية الذي توفره منظمة "إنميد" بسهولة الاستخدام والقدرة على التكيف مع قدرات متنوعة في المناطق التي لا يتوفر فيها الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي. ومع ذلك، نظراً لتوسيع نطاق المزارع المائية القادرة على التكيف التي توفرها منظمة "إنميد"، وانخفاض تكاليف تقنية الذكاء الاصطناعي، فقد بات من الممكن إجراء الكثير من أعمال الصيانة داخل النظام البيئي للمزارع المائية بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يزيد من فرص اكتساب الأشخاص غير المتخصصين معارف وتقنيات جديدة في مجال الزراعة.

ألكساندر زاخاروك ، المدير الإداري لمنظمة "ثرايفنج غرين":
تعتمد الزراعة على عدد كبير من المعايير المختلفة، منها كمية الضوء وطول الأيام والمطر والتركيب الهيدروكيميائي للمياه وبنية التربة. ويعتبر اعتماد المعايير الصحيحة مشكلة معقدة متعددة الأبعاد إذا ما تم اللجوء إلى تقنية تحليل البيانات. وهذا ما يجعل مهنة الزراعة مهيئة للتعلم الآلي. يحتاج المزارعون في المقام الأول إلى تحسين آليات تحليل البيانات من أجل تحقيق الربحية والاستدامة البيئية والحفاظ عليهما. ونقوم في منظمة "ثرايفنج غرين" باستخدام أجهزة استشعار لجمع جميع البيانات ذات الصلة في أحواض سبيرولينا الخاصة بنا، وتحليلها من أجل الوصول إلى عملية زراعية أكثر دقة وجودة، والأهم من ذلك توفير حياة أفضل للمزارعين.

مصطفى دياول الحق، الشريك المؤسس لمؤسسة أوكوافو:
تساهم تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في إحداث تأثير كبير على أساليب الزراعة المتبعة، وذلك من خلال المساعدة في العديد من النواحي، بدءاً من الاكتشاف المبكر للأمراض التي تتعرض لها المحاصيل، مروراً بتقدير خصوبة الأرض، وليس انتهاء في تفادي إزالة الغابات والتنبؤ بمردود المحاصيل. كما يمكن أن تساعد هذه التقنيات في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة عبر العديد من الطرق، ومنها "الزراعة الدقيقة".

تتسبب الزراعة غير المستدامة وإزالة الغابات في إطلاق كميات كبيرة من الكربون المحتجز، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات انبعاثات غازات الدفيئة. وتعمل تقنية الزراعة الدقيقة على معالجة انبعاثات الكربون الصادرة من التربة وتحسين إنتاجية المحاصيل، وبالتالي تقليل إزالة الغابات. علاوة على ذلك، تمكنت مؤسسة أوكوافو عبر استخدام الخرائط الآنية التي تظهر انبعاثات الغازات الدفيئة من تحديد الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة الزراعية وتحديد المناطق التي يؤدي فيها التحلل النباتي إلى إطلاق المزيد من الغازات الدفيئة بدلاً من امتصاصها. وإن تحقيق خفض كبير في الانبعاثات يستدعي إحداث تحول في أنماط الزراعة المتبعة. لذلك تقوم مؤسسة أوكوافو بتدريس وتشجيع طرق الزراعة التجديدية، والحراجة الزراعية، والزراعة البينية. واعتماداً على التعلم الآلي، فإننا نستخدم طائرات بدون طيار وبيانات الأقمار الصناعية لتقدير مخزون الكربون والكشف عن الميثان.

مع معدل دقة يبلغ 98.93%، يساهم تطبيق الهاتف "أوكوافو أيه آي" الذي نوفره للمزارعين في تجنب استخدام المبيدات الحشرية من خلال الكشف عن الإصابات المبكرة وتقديم تقنيات إدارة متكاملة للآفات للسيطرة على أنواع محددة من الآفات التي تصيب المحاصيل. وإن خفض النفقات المتعلقة بالمبيدات يساهم في زيادة مردود المحاصيل بنسبة تصل إلى 50%، مما يزيد من الأرباح ويسهم في تعزيز الأمن الغذائي في أفريقيا.

2 . برأيك، كيف يمكن للقطاع الغذائي أن يضمن دمج جميع الجهات الفاعلة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في النظام الغذائي، وخصوصاً أصحاب المزارع الصغيرة والنساء والشباب؟ وكيف تسهم مؤسستك في تحقيق ذلك؟

ليندا فايفر، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمنظمة "إنميد":
يضطلع قطاع الأغذية واسع النطاق بما لديه من موارد ضخمة وانتشار وتأثير، بدور مهم يتمثل في ضمان تحقيق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لجميع الجهات الفاعلة في القطاع من خلال التركيز على البحث والتطوير والاستثمار في التقنيات التي تقلل من المخاطر التي يتعرض لها البشر والبيئة. وتشمل هذه العملية: إدارة متكاملة للآفات والحفاظ على المياه وسلامة الأغذية، المساهمة بتوفير المعرفة والموارد العلمية، تكييف تطوير تقنيات وابتكارات بما يلائم أصحاب الأراضي الصغيرة، الاستثمار في البنية التحتية لتحسين الوصول إلى سلاسل التوريد، المساعدة في استقرار الأسعار وتحسين مستويات السلامة والجودة من خلال التدريب، وضمان سعر أساسي للمنتجات، والحث على رفع مستوى التعاون بين أصحاب الأراضي الصغيرة ، بما في ذلك النساء والشباب.
وتقوم منظمة "إنميد" بتوجيه استثماراتها نحو هذه الفئات الضعيفة، وذلك من خلال توسيع نطاق مشروع المزارع المائية الذكية الفريد من نوعه الذي طورته المنظمة، وتوفير حزمة متكاملة تدمج بين التكنولوجيا والتدريب وتخطيط الأعمال، بالإضافة إلى إقامة روابط مع مختلف الأسواق وتمويل الأمن الغذائي الشامل وسبل المعيشة المستدامة عبر سلسلة الإمداد الغذائي العالمية.

ألكساندر زاخاروك، المدير الإداري لمؤسسة "ثرايفينغ غرين":
مقارنة بالزراعة واسعة النطاق، يفتقر معظم أصحاب المزارع الصغيرة إلى ثلاثة أشياء هي: التكنولوجيا الزراعية الحديثة، والمهنيين المدربين، والوفورات التي تقدمها الأحجام الكبيرة. وهذا يؤدي بالتالي إلى خلل كبير في المنافسة. لكن بإمكاننا توفير فرص الحصول على التكنولوجيا الزراعية الجديدة من خلال مشاركة المعدات بين صغار المزارعين أو توفيرها بتكلفة معقولة، ونحن في "ثرايفينغ غرين" نعمل باتجاه تحقيق الخيار الثاني.

يعتبر تمكين المزارعين بالنسبة لنا من أهم المحاور في عملنا، حيث نوفر لهم التدريب اللازم في مجالات علوم الأحياء والأعمال، كما نشجعهم على تبادل معارفهم لتعم الفائدة على المجتمع بأكمله. إن تشجيع التعاون بين مختلف صغار المزارعين يساعدهم على أن يصبحوا أكثر كفاءة في أعمالهم.

مصطفى دياول الحق، الشريك المؤسس لمؤسسة أوكوافو:
لا بد من الإدماج المالي في حال أردنا تحسين قطاع الزراعة والارتقاء بحياة سكان الأرياف من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية. إذ أن معظم المزارعين الريفيين لا يملكون الأموال اللازمة لبدء عملية الزراعة عند دخول الموسم، ولا يمكنهم التوسع بإنتاج المزيد من المحاصيل لتلبية الطلب المتزايد. وبالنسبة للمزارعين من أصحاب الأراضي الصغيرة والنساء والشباب في المجتمعات الريفية، فإن مؤسسة أوكوافو تعمل على سد الفجوة بين التكنولوجيا والفهم الشمولي للعملية الاقتصادية. ومن خلال توفير الأدوات العملية للأفراد من مختلف الأعمار والخلفيات التعليمية، يتم مساعدتهم في التغلب على بعض من أكبر العقبات التي تواجههم، بما في ذلك أمراض المحاصيل ومعرفة الوسائل العلمية المستخدمة في الزراعة الحديثة.

بالإضافة إلى ذلك، يشجع الحل الذي ابتكرته مؤسسة أوكوافو جيل الشباب على تطوير اهتمامهم بمجال الزراعة ومسيرتهم العملية ضمن هذا القطاع من خلال إشراكهم في أنشطة اجتماعية مع المزارعين المحليين. يمكن للمزارعين الأكبر سناً الذين لا يملكون هواتف ذكية الاستعانة بخدمات الشباب الذين قد يستخدمون هواتفهم لإجراء مسح للمزارع بحثاً عن الأمراض التي تصيب المحاصيل وذلك مقابل رسوم زهيدة. وتساعد كل هذه الأساليب مجتمعة في ضمان زيادة الاندماج الاقتصادي والاجتماعي لمختلف الجهات الفاعلة في النظام الغذائي.

3. بناءً على رؤيتك لطبيعة التطور الذي يشهده قطاع الزراعة، هل ترى أي توجهات بارزة لأحدث الابتكارات والحلول الغذائية والزراعية التي يزداد انتشارها؟ إذا كان لا يوجد، فما هو التوجه الذي تعتقد على المبتكرين اتخاذه؟

دافني إوينج-تشاو، عضو لجنة اختيار في جائزة زايد للاستدامة:
لا توجد أي استراتيجية أو ابتكار نوعي بالنسبة لي أكثر أهمية من تمكين الأفراد كوسيلة للاستجابة لتحديات الغذاء العالمية المتنامية. ويعد تغير المناخ والصراعات وانعدام المساواة من أكثر القضايا إلحاحاً لكونها تتسبب في حدوث خلل في نسب الإمدادات الغذائية بين السكان. ومع ذلك، لا توجد تقنية يمكنها معالجة هذه التحديات على نحو ملائم وأفضل من العمل على تمكين المسؤولين عن توفير الغذاء في المجتمع مثل الأمهات والمعلمين والعاملين في مجال الأغذية.

تساعد التقنيات مثل الزراعة العمودية السكان المتأثرين بتبعات تغير المناخ، ولكنها تعتبر من منظور مالي أساليب غير قابلة للتطوير على نطاق واسع. إن التقييم بناء على التكلفة مقابل الفائدة فيما يخص تدريب المجتمع على (1) الإنتاج المتجدد، و(2) الاستهلاك المبتكر والخالي والنفايات لمحاصيلهم الأكثر وفرة وتغذية وقدرة على التكيف مع المناخ، والأخفض تكلفة، سوف يُظهر أن الفائدة الكبيرة التي نجنيها من تثقيف وتمكين المجتمعات المحتاجة ستكون أكثر تأثيراً من أي تكنولوجيا متطورة أو برنامج مساعدات غذائية.