قاد تزايد الاهتمام بتطوير تقنيات جديدة كفيلة بحل المشكلات المستعصية في البلدان النامية إلى تحقيق إنجازات نوعية ساهمت في إنقاذ حياة الناس. لكن ما زال علينا مواجهة التحدي المتمثل في كيفية تطبيق هذه الحلول على نطاق واسع، وهذا أمر غالباً ما يكون أكثر تعقيداً من التكنولوجيا نفسها. لذلك واستناداً إلى خبرتنا في "سانكو"، فإننا نهدف إلى تطوير حلول تتسم بإمكانية التطبيق على نطاق واسع من البداية، بدل تطوير الحلول ومن ثم السعي إلى تهيأة الظروف المناسبة لتطبقيها على نطاق واسع.
إن المحاولات الرامية إلى تطوير تقنيات واسعة النطاق غالباً ما يكون مصيرها الفشل، وذلك لأنها تعتمد في تصاميمها على معطيات تفترض تغير ظروف السوق، مثل تبني الحكومة لسياسات مواتية في المستقبل أو حدوث تغير ما في سلوك المستهلك. وهذا هذا التوجه عادة لا يجدي نفعاً.
فإذا اعتمد تطوير الحلول بالأساس على إمكانية تغير الظروف الأولية واللاحقة، فإن هذه الحلول ستبقى محصورة ضمن الإطار المحلي. لذلك ينبغي على الجهات الفاعلة في مجال التنمية النظر إلى التقنيات والحلول على أنها حلقة وصل ضمن سلسلة، وأن يتجنبوا السعي إلى التأثير في ظروف خارجة عن إرادتهم.
لقد تمكنت مع فريق العمل في سانكو من التوصل إلى هذه النتيجة نتيجة جهود امتدت على مدى عدة سنوات والحرص على تطبيق منهجيات مختلفة. وينصب تركيزنا حالياً على معالجة سوء التغذية الناجم عن نقص المغذيات الدقيقة، وهذا يطلق على هذا الحالة مصطلح "الجوع الخفي"، حيث يؤثر نقص المغذيات الدقيقة على ملياري شخص حول العالم، كما أنها تضعف من كفاءة الجهاز المناعي لدى أكثر من 40% من الأطفال في البلدان النامية، ما يزيد من نسب الوفيات بنحو 35% جراء الإصابة بأمراض أمراض قابلة أصلاً للعلاج مثل الحصبة والملاريا والإسهال.
ولعل من المتعارف عليه على نطاق واسع أن تعزيز الأغذية الأساسية بالمغذيات الدقيقة اللازمة يمثل أحد الحلول الأقل تكلفة والأكثر فعالية من حيث تحقيق فوائد صحية لجميع السكان. وقد ظل تطبيق تقنية تعزيز المواد الغذائية في شرق أفريقيا لسنوات عديدة قبل تأسيس سانكو مقتصراً على المطاحن الكبرى، ولسوء الحظ لم يستفد من نتاج هذه المطاحن سوى جزء صغير من السكان، لأن معظم الناس يستهلكون الدقيق المنتج في مطاحن محلية غير مركزية.
ولتوفير الغذاء الجيد لغالبية السكان المحتاجين، قامت سانكو بتصميم تقنية مناسبة لمطاحن الدقيق الصغيرة، دون التأثير على طريقة عملها. وتقوم تقنيتنا "dosifier" بمراقبة مقادير المكونات الغذائية أوتوماتيكياً. وعلاوة على ذلك، تمكنا من توفيرتكلفة المواد المغذية عبر تزويد المطاحن بأكياس الدقيق وشمل سعر المغذيات ضمنها. وهكذا، فقد تمكنا من إحداث تغيير نوعي دون الحاجة إلى تغيير آلية عمل السوق.
لقد كانت هذه تجربتنا الخاصة، ويمكننا القول إنه لا يمكن تطبيق التقنيات المبتكرة بالسرعة المطلوبة ما لم تتناسب مع الظروف القائمة. وتحقيقاً لهذه الغاية، تتمثل نصيحتنا لمبتكري الحلول التقنية في التركيز على تطوير حلول يمكن أن تحدث تغييراً ملموساً وتجنب السعي وراء حلول يصعب تطبيقها على أرض الواقع.