مدرسة "فلاديمير نازور"
قصة ملهمة عن المثابرة والأمل في تغيير حياة الناس وتحقيق تأثير حقيقي
ضمن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة والتزامها بتحقيق أهداف الأمم المتحدة الرامية إلى توفير طاقة مستدامة للجميع، تم في عام 2012 إدراج فئة المدارس الثانوية العالمية كفئة جديدة ضمن جائزة زايد للاستدامة. حيث تركّز هذه الفئة على الشباب وتسعى إلى استثمار إمكاناتهم وتوظيفها في اتخاذ التدابير التي تضمن بناء مستقبل أكثر استدامة.
ومنذ ذلك الحين، كرمت جائزة زايد للاستدامة 41 فائزاً ضمن فئة المدارس الثانوية العالمية، مما ساهم في تأسيس مشاريع مستدامة يقودها الشباب بدءاً من منطقة آسيا والمحيط الهادئ ووصولاً إلى الأمريكتين. ويتم تكريم ست مدارس ثانوية سنوياً تحصل كل واحدة منها على جائزة تصل قيمتها إلى 100 ألف دولار تساعدها في تنفيذ مشاريعها. وتتاح المشاركة في هذه الفئة لجميع المدارس الثانوية في مختلف أنحاء العالم، ويفترض بالمدارس المشاركة تقديم مشاريع تحقق نتائج ملموسة على مستوى المدرسة والمجتمع المحيط بها، وأن تحدث أثراً إيجابياً في مجال التعليم، وأن تقدم طرقاً جديدة ومبتكرة في مجال أو اكثر من مجالات الطاقة، والمياه، والغذاء، والصحة.
وقد ساهمت المشاريع الفائزة بجائزة زايد للاستدامة عن فئة المدارس الثانوية العالمية والتي شارك فيها 45 ألف طالب في إنتاج 7 ملايين كيلوواط/ ساعي من الكهرباء، وتركيب ألواح شمسية بلغت قدرتها 500 كيلوواط، وساهمت في تفادي إطلاق 5500 طن من ثاني أكسيد الكربون، بينما استفاد من هذه المشاريع نحو 425000 شخص يعيشون ضمن المجتمعات المحيطة بهذه المدارس.
وتلتزم هذه الفئة بمعايير الابتكار والتأثير والأفكار الملهمة التي تشكل أساساً للنجاح الواسع الذي حققته الجائزة من خلال حرصها على تشجيع الشباب لاستثمار كامل قدراتهم واستكشاف الفرص العديدة التي تنتظرهم ضمن عالم أكثر استدامة.
وتعتبر مدرسة "فلاديمير نازور" الكرواتية التي فازت بالجائزة في 15 يناير 2018 عن منطقة أوروبا، من النماذج المشرقة للمدارس الفائزة بهذه الفئة.
تقع المدرسة في إحدى قرى مقاطعة زادار جنوب كرواتيا على البحر الأبيض المتوسط، والتي دمرتها الأحداث المأساوية التي خلفتها حرب البلقان عام 1991، مثل أجزاء أخرى من البلاد. وقد خلّفت الحرب دماراً شاملاً وطالت تأثيراتها السلبية مختلف مناحي الحياة لا سيما تعطيل الخدمات الحيوية وهي إحدى المجالات الرئيسية التي تأثرت بالصراع الذي دام خمس سنوات، والذي بدأ في كرواتيا ثم امتد إلى البوسنة والهرسك بعد عام.
وعند فوزها بجائزة زايد للاستدامة، قدمت المدرسة مقترحاً لتركيب نظام للطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء وتسخين المياه لكل من المدرسة والمجتمع المحيط والاستفادة من المناخ المشمس في المنطقة. في ذلك الوقت، كان الهدف الرئيسي توليد 13 ألف كيلوواط ساعي من الكهرباء سنوياً، بالإضافة إلى 60 ألف كيلوواط ساعي من الحرارة. كما خططت المدرسة أيضاً لتقليل استهلاكها للطاقة من خلال استبدال 226 مصباحاً تقليدياً بمصابيح LED و 110 حقيبة ظهر تعمل بالطاقة الشمسية.
وواصلت المدرسة خلال السنوات التي أعقبت فوزها بالجائزة تنفيذ مشاريع طاقة شمسية بالإضافة إلى مشاريع مستدامة جديدة تساهم في تزويد المدرسة ومجتمعها بالخدمات الأساسية مثل الطاقة، كما خضعت هذه المشاريع لعملية تجديد كاملة خلال الصيف الحالي.
وفي معرض حديثه عن تجربته، قال مدير المدرسة مارين بافيتيتش، الذي نجى من الحرب أيضاً حينما كان صغيراً: "لقد شهدنا في السنوات الأخيرة تحقيق تحول كبير على مستويين، حيث تنامت روح التفاؤل والأمل في مجتمع قريتنا جراء تنفيذ المشروع الحائز على جائزة زايد للاستدامة، في حين تمت إعادة افتتاح المدرسة، وتزامن ذلك مع الانقلاب الصيفي، الذي يجسد رمزاً للنور وفتح آفاق جديدة".
لقد قامت المدرسة بتوظيف المنحة المقدمة من جائزة زايد للاستدامة والبالغة 100 ألف دولار في إعادة تجديد الأرضيات في المدرسة والمرافق بالكامل. كما استطاعت المدرسة إثر فوزها بهذه الجائزة المرموقة من اكتساب تقدير عالمي مكنها من الحصول على تمويل قدره 750 ألف دولار من برنامج الصناديق التشغيلية للاتحاد الأوروبي للتنافسية والتماسك وكذلك من مقاطعة زادار.
وأعربت فيسنا شيريباك، مديرة إدارة التعليم في وزارة العلوم والتعليم، عن سعادة الوزارة بفوز مدرسة فلاديمير نازور الواقعة في قرية زادار الصغيرة في منطقة سكابرنيا، بجائزة زايد للاستدامة ضمن فئة المدارس الثانوية العالمية، مؤكدة على أهمية هذا الفوز الذي يعكس ما تحلى به أعضاء الفريق من حافز كبير وعزيمة تستحق الثناء وشغفهم وعملهم الجماعي الذي أثمر مشروعاً زراعياً مستداماً ومبتكراً استطاع المنافسة مع مشاريع عالمية أخرى. كما توجهت بالتهنئة للفريق الفائز وبالشكر إلى حكومة دولة الإمارات، التي ترعى الجائزة، على اختيار مدرسة فلاديمير نازور للفوز بالجائزة من بين 370 مدرسة أوروبية تنافست لنيلها في عام 2018.
وقد شهدت مراسم افتتاح المدرسة التي أقيمت في شهر يونيو الماضي حضور غونتر باولي، وهو مؤلف ومعلم ورائد أعمال ذائع الصيت، وأحد أعضاء لجنة الاختيار التابعة لجائزة زايد للاستدامة، كما شارك إلى جانب فريق المدرسة والداعمين الآخرين في التخطيط للمشروع وتطويره. وقد أقيمت مراسم الافتتاح تحت رعاية فيسنا شيريباك، وشهدت حضور العديد من كبار المسؤولين في الحكومة المحلية وشبكة الأبحاث والأنشطة الأكاديمية الكرواتية "كارنيت".
وقال غونتر باولي: "لقد استطعنا توظيف المنحة المقدمة من قبل جائزة زايد للاستدامة بشكل فعال ساهم في تجاوز حدود جهود إعادة التأهيل المدرسة لتشمل أيضاً المجتمعات المحيطة، ليمثل فوز المدرسة بالجائزة قبل نحو ثلاثة أعوام قصة نجاح ورمزاً لتجدد الأمل بمستقبل أفضل. لقد كان مجرد التفكير بالعيش في هذه المنطقة أو زيارتها قبل خمسة أعوام أمراً مستحيلاً، ونحن جميعاً سعداء بهذا التغيير الايجابي والملهم الذي تحقق".
وكجزء من عملية إعادة التأهيل التي شهدتها مؤخراً، قامت المدرسة أيضاً بتوفير أحدث جيل من شبكات "واي فاي 6" اللاسلكية وذلك في إطار مشروع المدارس الإلكترونية، وهو عبارة عن مشروع أكاديمي تشرف عليه الحكومة الكرواتية ويركز على تحقيق التحول الرقمي ضمن قطاع التعليم. وتهدف عملية التحديث التكنولوجي المهمة هذه إلى توفير تجربة تعليمية أكثر سلاسة وفعالية، وقد مكنت المدرسة من القيام بمشروع تجريبي لاستخدام شبكة (لاي فاي) لاسلكية، حيث يتم استخدام مصابيح (LED) شمسية لنقل البيانات بدلاً من موجات الراديو ما يوفر قدراً أكبر من الأمان و السرعة مقارنة بشبكة الواي فاي، لتصبح مدرسة فلاديمير نازور من أوائل المدارس في كرواتيا وأوروبا التي تعمل باتجاه استخدام شبكة "لاي فاي" ضمن صفوفها الدراسية.