منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" الفائزة بالجائزة عام 2012 عن فئة "الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنظمات غير الربحية"
News Post Image
06 أكتوبر 2021 مشاركة

"مشروع الإفصاح عن الكربون": إدارة المعلومات البيئية لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمي

نسلط الضوء في هذا العدد على منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" (Carbon Disclosure Project) وهي من بين الفائزين بجائزة زايد للاستدامة لعام 2012 عن فئة "الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنظمات غير الربحية" التي كانت موجودة في ذلك العام، وتعتبر "مشروع الإفصاح عن الكربون" منظمة دولية غير ربحية، وتمثل النظام العالمي الوحيد الذي يمكّن الشركات والمدن من قياس المعلومات البيئية المهمة وإدارتها.

وبصفتها منظمة مستقلة غير ربحية في إطار منتدى الحوكمة التابع لجامعة سابانجي في تركيا، تم الاعتراف بـ "مشروع الإفصاح عن الكربون" لجهودها المتميزة في تحفيز الانتقال إلى اقتصاد مربح ومنخفض الكربون مع دفع خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري واستخدام المياه المستدامة من قبل الشركات وضمن المدن. ويشتمل المشروع على أكبر مجموعة من البيانات في العالم ذات الصلة بتغير المناخ والمياه والمخاطر المحدقة بالغابات التي تم توحيدها وتنسيقها بشكل يجعلها قابلة للمقارنة لتسهيل الحصول على هذه المعلومات القيمة، والمساهمة في تسريع جهود الحد من أزمة المناخ التي تتصاعد على المستوى العالمي. تحقق هذه المنظمة غير الربحية أهدافها من خلال الوصول إلى صناع القرار المؤثرين وتخفيف المخاطر المرتبطة بالتغير المناخي ودفع الجهود نحو بناء عالم أكثر استدامة، حيث ترتبط هذه المجالات الرئيسية الثلاثة ارتباطاً وثيقاً، وتجعل من عمل المنظمة متعدد التخصصات نشاطاً فريداً من نوعه. كما توفر منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" إطار عمل للشركات لقياس وإدارة مخاطرها، والإبلاغ بشفافية عن التقدم الذي حققته، والالتزام باستعادة النظم البيئية بشكل استباقي.

 

وقد ساهم الدور الرائد لـ "مشروع الإفصاح عن الكربون" على مدى 20 عاماً في دفع الشركات للإفصاح عن بياناتها المتعلقة بالتغير المناخ إلى التوسع في الكشف عن موضوع الأمن المائي وإزالة الغابات. وتتيح هذه المعلومات للعالم معرفة كيفية استخراج الموارد واتاحة المجال للشركات والحكومات لاتخاذ الخطوات اللازمة والقيام بإجراءات إصلاحية حقيقية.

ومنذ فوزها بالجائزة قبل عقد من الزمان، كانت المنظمة غير الربحية تعمل بالتعاون مع طيف واسع من قوى السوق في العالم، بما في ذلك 722 مؤسسة استثمارية ذات أصول تفوق 87 تريليون دولار أمريكي. ومنذ ذلك الحين، ساهمت منحة الجائزة على تعزيز مكانة المنظمة ودورها في تسريع التغيير المنهجي الضروري من أجل بناء اقتصاد مستدام ورفع مكانة "مشروع الإفصاح عن الكربون" العالمية بشكل كبير ، مما أدى إلى نمو هائل على مدى السنوات القليلة الماضية من خلال مساعدة المنظمة على توسيع نطاق تواجدها السريع في أنحاء مختلفة من العالم، وبدعم من كادر موظفيها العالميين الذين يتجاوز تعدادهم 450 موظفاً، وكذلك قدرتها على تخصيص حلولها حسب البلد أو المنطقة.

 

وعلى الصعيد التجاري، تعززت سمعة المنظمة ضمن مجتمع الأعمال بشكل ملحوظ، حيث شاركت أكثر من 9600 شركة معلومات حيوية تتعلق بالبيئة مع المنظمة خلال عام 2020 وحده. وذلك بالمقارنة مع ما يقرب من 3700 شركة في عام 2011، مما يمثل زيادة بنسبة 160٪. وفي ضوء ازدياد أهمية الإفصاح البيئي كمعيار لتقييم وضعية الشركات في السوق، طلب 590 مستثمراً لديهم أصول بقيمة 110 تريليون دولار أمريكي الإفصاح عبر "مشروع الإفصاح عن الكربون" خلال العام الماضي أيضاً. وقد ساهم عمل المنظمة أيضاً في تحفيز المزيد من مدن العالم لقياس وإدارة المخاطر البيئية، ما نتج عنه تقديم أكثر من 810 مدن تقاريرها إلى "مشروع الإفصاح عن الكربون" في عام 2020، مقارنة بـ 48 مدينة في عام 2011.

 

كما نجحت المنظمة بإقامة العديد من الشراكات العالمية الطموحة، مثل تعاونها مع مبادرة "RE100 with The Climate Group" العالمية، التي تضم أكثر من 300 عضو وتساهم في مشاريع للطاقة المتجددة قادرة على تلبية احتياجات دولة متوسطة الحجم من الكهرباء.

منهج عمل المنظمة

بصفتها محركاً عالمياً لجهود مكافحة تغير المناخ، تركز منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" على إدارة رأس المال بشكل فعّال للمساعدة في مواجهة التحديات الملحّة والمتزايدة لمشكلة التغير المناخي وحماية الموارد الطبيعية.

ووفقاً للمنظمة، يتطلب الانتقال إلى صفر انبعائاث كربونية تمويلاً بمبالغ كبيرة، وتقع على عاتق المستثمرين مسؤولية كبيرة لتقليل المخاطر البيئية واتخاذ خطوات تمضي بهذه الجهود نحو الأمام. لذلك تعمل منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" مع المستثمرين لضمان دمج البيانات البيئية ضمن عملية الاستثمار بأكملها.

 

تسلّط هذه المنظمة غير الربحية الضوء على حجم المخاطر  المترتبة على عدم اتخاذ أي إجراءات عملية تجاه التغير المناخي، خاصة في ظل ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية بالفعل بمقدار 1.1 درجة مئوية، وبالتالي، فإن تحقيق الكفاءة ضروري للغاية عند محاولة الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية. باختصار، تعادل المخاطر المناخية حجم المخاطر المالية بالنسبة لـ "مشروع الإفصاح عن الكربون"، ويشير  تقرير حديث عن الأمن المائي صادر عن جامعة تولين في الولايات المتحدة بعنوان "موجة من التغيير''، إلى أن تكلفة عدم اتخاذ إجراءات حقيقية تفوق خمسة أضعاف معالجة هذه المخاطر.

 

أهداف قائمة على العلم للحد من الانبعاثات

تتعاون منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" بشكل مباشر مع الشركات والمستثمرين والمدن والولايات والمناطق لتشجيع الشفافية ودفع الجهود لتحديد أهداف تستند إلى العلم لتقليل الانبعاثات. ومن الأمثلة على ذلك "برنامج سلسلة التوريد"، والذي يساعد الشخصيات العالمية البارزة على استخدام قوتها الشرائية لتقليل انبعاثات المستوى الثالث  عبر الطلب من الموردين الإفصاح عن أهداف الانبعاثات وتحديدها.

تُستخدم بيانات "مشروع الإفصاح عن الكربون" أيضاً بشكل شائع في أبحاث الاستثمار العالمي والمنتجات والتصنيفات، مثل مؤشر "ستوكس" السويسري العالمي، الذي يغطي جميع فئات الأصول في الأسواق العالمية. وقد ساعدت هذه الشفافية الأسواق العالمية على تحسين كيفية تحديد الآثار المالية لتغير المناخ وكيفية تخفيف هذه المخاطر.

 

 

مبادرة "العمل من أجل الكربون"

تم تأسيس مبادرة "العمل من أجل الكربون" (كربون آكشن)، وهي جزء من البرنامج المعني بتغير المناخ في "مشروع الإفصاح عن الكربون"، كمبادرة يقودها المستثمرون بهدف تسريع عمل المنظمة فيما يتعلق بتغير المناخ. وخلال عامي 2011 و2016 ، جمعت مبادرة "العمل من أجل الكربون" 329 مستثمراً يملكون أصولاً بقيمة 25 تريليون دولار أمريكي (مقارنة بـ 35 مستثمراً بأصول تبلغ 6.7 تريليون دولار أمريكي عند إطلاق المشروع في عام 2011). وطالبت المبادرة أكثر من 1300 شركة من أكبر الشركات المدرجة في البورصة من حيث انبعاثات الغازات في العالم، اتخاذ ثلاثة إجراءات محددة استجابة لقضية تغير المناخ. وقد استجابت بالفعل  أكثر من 800 شركة في حين وضعت 86٪ من الشركات أهدافاً لخفض الانبعاثات. وقد أدى ذلك إلى الحد من انبعاث 522 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون حيث تم تنفيذ المبادرة في عام 2015.

 

 

وقد نجحت منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" حتى الآن في التأثير على أكثر من 10000 كيان ضمن أكبر الاقتصادات العالمية من حيث القياس والإفصاح عن البيانات المتعلقة بتغير المناخ والأمن المائي وإزالة الغابات مع تحقيق نمو مطرد بشكل سنوي. بالإضافة إلى ذلك، أدى التوسع في برنامج المدن الذي أطلقته المنظمة إلى قيام أكثر من 130 ولاية وحكومة إقليمية بتقديم تقاريرها إلى "مشروع الإفصاح عن الكربون" من 32 دولة، يمثلون أكثر من 672 مليون شخص و 21٪ من الاقتصاد العالمي.

 

وتسلط منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" الضوء على التهديدات الملحّة التي يواجهها السكان الأصليون عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، وكيف أن تطبيق السياسات العامة واعتبارها أساسية يساهم في ضمان تحقيق نتائج إيجابية تنعكس على المناخ والمجتمعات والشعوب الأصلية. وترى المنظمة أن على العالم أن يتجاوز أزمة التغير المناخي للمحافظة على التنوع البيولوجي، وتعزيز إدارة الغابات، وصون حقوق السكان الأصليين، ونظراً لأهمية توفير بيئة صحية من حولنا، كان من الضروري مشاركة السكان الأصليين بشكل فاعل في جهود الحفاظ على البيئة.

 

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه "مشروع الإفصاح عن الكربون" لتحفيز الشركات على الكشف عن آثارها البيئية والطبيعية واتخاذ إجراءات للحد منها مع ظهور الوباء وتراجع الاقتصاد العالمي، ترى المنظمة بأن خطط التعافي الاقتصادي، وكيفية تعاون البلدان بعد الوباء، ستضع التزامات قادة العالم للوصول إلى صفر انبعاثات كربونية على المحك، وفي حين أن الانتقال إلى اقتصاد مستدام يتطلب استثمارات كبيرة، فإن تكلفة عدم اتخاذ أي إجراء ستكون أعلى بكثير.

 

وعلى الرغم من تحديات تراجع الاقتصاد العالمي، تعتقد منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" أن طلب السوق على البيانات البيئية والشفافية بشأن الاستدامة يتزايدان بوتيرة متسارعة. فعلى سبيل المثال، ارتفع عدد الشركات التي تكشف عن بياناتها بنسبة 19٪ مقارنة بعام 2019 على الرغم من انتشار الجائحة. بالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى الكوارث المناخية المنتشرة في جميع أنحاء العالم العام الماضي، بما في ذلك حرائق الغابات في الولايات المتحدة وأستراليا، والفيضانات في جميع أنحاء أوروبا والصين، فإن الدافع للعمل المناخي أعلى من أي وقت مضى، لأن حالة الطوارئ المناخية موجودة بالفعل.

 

ومع اقتراب عقد الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 26)، والذي من المتوقع أن يكون أحد المؤتمرات المناخية الأكثر أهمية منذ اتفاقية باريس في عام 2015، ومع دخول العالم في عقد حاسم من العمل المناخي فإن التحول الاقتصادي يعتبر أمراً حيوياً. وبناءً على ذلك ، فإن منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" تدعو المشاركين في مؤتمر (كوب 26)، لاتخاذ ثلاثة إجراءات أساسية، وهي الالتزام بالأهداف المؤقتة لعام 2030 والأهداف طويلة الأجل لجعل طموحات الوصول إلى صفر انبعاثات حقيقة واقعة، واتباع آلية تلزم بالإفصاح عن المعلومات البيئية، وتأسيس نظام مالي مستدام تتوافق فيه أسواق رأس المال مع أهداف اتفاقية باريس وتمول الانتقال إلى اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية.

 

وبالنظر إلى المستقبل، تخطط منظمة "مشروع الإفصاح عن الكربون" لتعزيز استطلاعات جمع البيانات لتشمل "مجموعة كاملة" من العوامل البيئية. ويتضمن ذلك الحصول على بيانات تتتبع تأثير الشركات على الطبيعة والتنوع البيولوجي، الذي يمثل المرحلة التالية للمستثمرين في مجال الاستدامة، وجزءاً رئيسياً من استراتيجية المنظمة خلال السنوات الخمس المقبلة.